Wednesday 8 June 2011

"لأ إنت الإرد"

قد يذكر بعضنا أغنية من أحد الأفلام القديمة تدور حول مجموعة من "القرداتيه" حيث يتهم بعضهم الآخر بأنه هو القرد. بينما يلبس البعض منهم لبس القرود و الآخر لبس الآدميين.

الملفت للنظر فى هذا الموقف هو أن الجميع يتصرف مثل القرد فى حركات "قرود" بحيث يختلط على المشاهد من القرد و من الإنسان.

فى مصر الآن قرود كثيرة! الكل يشير إلى الآخر قائلا "هو ده القرد"، هذا هو الخائن، هذا هو صاحب الأجندة الخارجية، هذا هو عدو الدين، هذا هو عدو الفقراء، هذا هو السبب فى تدمير الإقتصاد المصرى، هذا هو مصدر أنفلونزا الخنازير!

فى الأمس القريب، كانت تنادى الحكومة البائدة أن الخطر الأكبر على مصر هو الإخوان المسلمون، بدعوى أنهم سيفرضون على المجتمع مبادئ و نظريات لا تتناسب معه.

حين سقطت الموانع و الحوائط، و تبين أن الإخوان و غيرهم "ناس زيهم زينا" بدأ أصحاب الفكر التكفيرى (أقصد كل من يبحث عن عدو ليصوره فى صورة الشيطان الذى سيقضى على المجتمع) فى البحث عن جماعة أخرى ليشيروا إليها بأصابع الإتهام و التخويف. فإذا بنا نرى "اليساريين" يشيرون إلى أصحاب اللُّحَى الطويلة على أنهم العدو القادم و الخطر الأكبر على الوطن مطالبين بإقصائهم من الساحة السياسية "للحفاظ على أمن الدولة"

و إذا "باليمينيين" يشيرون بأصابع الإتهام إلى "العلمانيين و الليبراليين" (كما يسمونهم) على أن هؤلاء هم من سيجلب علينا جميعا غضب الله و أنهم سيقودون المجتمع كله "للكفر و الفسوق و العصيان". كان كلامهم بالأمس عن "العلمانيين" و أصبح كلامهم اليوم عن "العلمانيين و الليبراليين" و سيصبح كلامهم غدا عن "العلمانيين و الليبراليين و الإشتراكيين" ثم يصبح بعد ذلك عن "كل الفئات الضالة"

قبل أن تفقد الإهتمام بالقراءة فى هذا المقال، دعنا نفكر قليلا معا. هناك نوعان من الدعوة السياسية. النوع الأول يكلمك عن مميزات ما يدعو إليه موضحا كيف يمكن لهذا النموذج أن يحقق الأهداف الوطنية. أما النوع الآخر فيعتمد على إظهار "الآخر" على أنه شيطان سوف يحرق البلاد و يأتى على الأخضر و اليابس فلا تجد لك سبيلا إلا أن تمشى فى طريقه لتنجو و ينجو الآخرون.

النوع الثانى هو النوع الذى لا يملك من الأفكار ما يمكن أن يقنع طفلا و لا سفيه، أما النوع الأول فهو ذلك الذى يستحق أن تستمع له، فإنه يخاطب العقل و لا يدعى أنه صاحب الفكر الأمثل و لا دعوة الحق، و إنما سوف تجده دائما يمد لك يده طالبا منك المساعدة لتحقيق مصلحة الوطن، بينما الآخرون يمدون لك أيديهم على أنهم هم المخلِّصون و أنك أنت الغريق.

"يا جماعة إصحوا بقى"
إستمعوا لصوت العقل
إستمعوا لمن يخاطبكم بالمنطق و الحجة
لا تستمعوا لمن يخاطب المشاعر
لا تستمعوا لمن يرفض الآخر
لا تستمعوا لمن يدعى أن رأيه فقط هو الصواب
لا تستمعوا لمن يشير بأصابع الإتهم لكل صاحب فكر مختلف
إستمع و أنصت لمن يطلب منك أن تعينه على بناء الوطن
إستمع و أنصت لمن يقول لك "إيه رأيك؟"

و الله الموفق
المجلس الأعلى لقوى الشعب المتخبطه

No comments:

Post a Comment