Sunday 1 July 2012

صديقى اللدود، ضابط الداخلية

أولا: يجب أن أعترف أنى، منذ الصغر، لم أكن ممن يكنون معزة او تقديرا لضباط الداخلية و العاملين فيها، خصوصا أمناء الشرطة!

طالما كانت تعاملاتى معهم، و حتى الآن، تتسم بالبرود و العدائية، من جانبى على الأقل، و ذلك لاسباب كثيرة منها خبرتى الشخصية معهم!!!

و لقد قررت أن أكتب هذا المقال لعرض وجهة نظرى الشخصية و التى قد يختلف معى فيها الكثيرون!

وزارة الداخلية مكون أساسى فى الدولة، فهى المنوط بها حفظ الأمن عن طريق منع الجريمة و القبض على المتهمين فى الجرائم لعرضهم على القضاء كما أن من مهامها الأساسية القيام بالتحريات المستمرة للتعرف على التنظيمات الإجرامية لوأد الجريمة فى مهدها. لا يمكن بأى حال من الأحوال أن ينضبط الأمن فى البلاد بدون جهاز الشرطة!

على مدار السنين الماضية، و فى ظل الأحكام العرفية، تم تمرين جيل كامل من ضباط الشرطة على التعامل مع المواطنين بشكل خاطئ تماما. أصبح من الأساليب المعتادة التعامل مع المواطن بتعالى و صلف و غطرسة، كما أن ذلك لم يواكبه زيادة فى مستوى المعيشة للعاملين بوزارة الداخلية "لملئ عيون أصحاب النفوس الضعيفة" كما أن الرقابة المفروضة عليهم لم تكن بالمستوى المطلوب لتقليل إنتشار الفساد فى أوساطهم ...

ثم "زاد الطين بله" ان الدولة إعتمدت على القدرة القمعية للداخلية فى السيطرة على الوضع الداخلى الذى لم يكن يرضى عنه أغلب المصريين حتى ان "التصريحات الأمنية" أصبحت من الأمور المعتادة للقيام بأى نشاط أو الإلتحاق بكثير من الأعمال (من الطبيعى أن تكون هذه التصريحات مطلوبة فى عدد محدود من الحالات بالطبع)

مع الوقت، اصبح من الطبيعى أن يتعامل المواطن البسيط مع الداخلية على انها سلطة مطلقة و أن يعتبر نفوذ ضباط الداخلية من الأمور العادية فى حياته اليومية!!! و ذلك أكمل الدائرة البائسة التى وقع فيها المواطن و ضباط الداخلية على السواء ...

هل يمكن الإستغناء عن الشرطة؟
"سؤال غبى موش كده" ... طبعا لا يمكن الإستغناء عنهم

أولا ضابط الداخلية هو جارى و أخى و عمى و خالى و صديقى ... ضابط الداخلية هو عماد الأمن ... ضابط الداخلية هو من يضع روحة على كفيه للمحافظة على أمن الوطن فى الداخل و كم من شهداء منهم سيرفعهم الله فى المراتب ليكونوا مع الصديقين و النبيين و حسن أولئك رفيقا .... و كم من ضباط الداخلية من يعمل الآن و فى كل وقت إبتغاء مرضاة الله و كم منهم من يسهر الليالى فى سبيل الله حتى يحرم الله عينه على النار ... فاللهم اجز هؤلاء جميعا عنا خيرا ...

المشكلة إذا ليست فى وجود الداخلية من عدمه ... المشكلة فى الفساد المستشرى فى جنبات الوزارة ... قد يقول البعض أن الفساد موجود فى كل أركان الدولة، حق، و لكن الداخلية تعتبر من أكبر المؤسسات الفاسدة إن لم تكن أكبرها، خصوصا أن المواطن العادى يتعامل مع الداخلية فى كثير من متطلبات الحياة اليومية مما يزيد بالإحساس بمواطن الفساد فيها ...

لا أمتلك كثيرا من الأفكار التى تساعد على قمع الفساد فى الداخلية! و لكن قد يكون أحدها هو إنشاء مؤسسة رقابية مستقلة عن الوزارة تكون مهمتها الأساسية هى ضمان عمل الشرطة طبقا للقوانين و حقوق الإنسان ... كما أن إعادة تأهيل القيادات الوسطى (نقيب و رائد و مقدم) على العمل بفلسفة مختلفة قد يكون له بالغ الأثر فى أداء المؤسسة ككل ... أخيرا إعادة النظر الشاملة فى نظام القبول فى كليات و معاهد الشرطة و نظام التدريب و التعليم فيها سيقوم بإعداد الكوادر القادمة فى المستقبل ...

المصلحة من إعادة تشكيل و تنظيم و تأهيل الداخلية ستعود على الداخلية أولا ثم على الوطن أجمع!!! و حتى ذلك الحين، ساظل ممن يتصيدون الأخطاء للوزارة بغرض التحسين المستمر لأدائها و على أمل رفع مستوى لغة التعامل بين الداخلية و المواطنين إلى أعلى مستوى ممكن ... و لم أكن لأهتم بتحسين مستوى شخص أو مؤسسة لو لم تكن لها فى قلبى مكان!