Wednesday 20 February 2013

الذى خلق الموت والحياة

سبحان الله ...

تتواتر اخبار الموت من شابة فى العشرينيات تموت فى حادث سيارة الى شيخ فى السبعين يموت بالشيخوخة الى رجل فى الخمسين تفاجئه ازمة قلبية و آخر فى الستين يصاب بجلطة فى المخ و جدة فى الثمانين تموت من مضاعفات مرض السكر ...

و يسرح بى الفكر فأتذكر صديقى الذى مات بازمة قلبية فى سن الخامسة و العشرين بدون اى مقدمات و هو يكمل دراساته العليا فى الخارج و من قبله ابى الذى مرض فجأة و مات فى اجازة "المصيف" ... و غيرهم كثيرون!

قال الله تعالى: و لنبلونكم بشئ من الخوف و الجوع و نقص من الأموال و الأنفس و الثمرات، و بشر الصابرين، الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله و إنا اليه راجعون (سورة البقرة)

و قال ايضا: الذى خلق الموت و الحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا (سورة الملك)

و نسب للنبى صلى الله عليه و سلم قوله ما معناه: من لم يكن له الموت واعظا فلا واعظ له!

فكر معى للحظات، ما هى المواعظ التى نأخذها من الموت؟
هل موعظة موت الكبير تختلف عن موعظة موت الصغير؟
هل ذكر الموت، مع ما فيه من ألم، مفيد؟
هل تكون الموعظة للدنيا ام للآخرة ام كلاهما؟

كم مرة سألت نفسك: ماذا سأقول لله عن عملى هذا عندما اقف بين يديه؟

ثم لنفكر معا فى حياتنا ... ان كنا نعمل للآخرة كأننا نموت غدا، ماذا عملنا للدنيا؟

الدنيا هى الممر للآخرة، فإن لم تحيا فيها سعيدا بعملك، قد لا تقوى على الاستمرار فيه!

كلما ذكرنا الموت تذكرنا الآخرة، لكننا ننسا الدنيا التى نعمل فيها للآخرة ... هل انت سعيد فى عملك؟ هل انت سعيد فى بيتك؟ هل انت سعيد مع عائلتك؟ هل انت سعيد بما تتعلمه؟ هل انت سعيد فى حياتك؟

قد تموت غدا ... بل قد تموت قبل ان تكمل قراءة هذا المقال ... هل ستموت سعيدا بما احرزت فى الدنيا من عمل الدنيا و الآخرة؟

يظن البعض ان الزهد فى الحياة الدنيا من علامات قوة الإيمان و لذلك يتركون الدنيا "لأهل الدنيا" ... و الحقيقة ان الزهد فى الدنيا هو ان تتمكن من جوانبها و تجعلها فى يدك بدون ان تتعلق بها و تجعلها فى قلبك!

كيف ستتصدق بالمال ان لم تملك المال؟
كيف ستساعد المرضى ان لم تكن معافا؟
كيف ستمحوا الجهل ان لم تكن عالما؟
كيف ستعمر الأرض و انت لا هم لك فى الدنيا؟

الزهد فى الدنيا يأتى من النوايا فى العمل ... اجمع المال لتحمى نفسك من الزلل و لتتصدق على الفقراء ... تعلم الطب لتحمى نفسك من المرض و تخفف آلام المرضى ... تعلم العلم لإعمار الأرض و تعليم طلاب العلم ... اجمع من متاع الدنيا كل ما تستطيع لتحيا سعيدا و ترضى ربك فتلقاه سعيدا ...

و الله اعلم!

4 comments:

  1. أخى الكريم الدكتور محمد، لا أدرى ماذا اقول، مقالة اكثر من رائعة، تمس اهم جانب فى حياتنا، بل هى حياتنا كلها، حياتنا التى غالبا نغفل عنها ونحن فى طريقنا فى الحياة.
    ولكن أحيانا فعلا نقف مع أنفسنا لنحاكمها ونرى هلى نحن نسير على الطير الصحيح ام لا، هل ما يحدث فى حياتنا يستحق أن نعيش كما نحن الآن.
    كذلك أحب أن اشكرك على توضيح نقطة مهمة جدا، وهى الزهد فى الحياة هو السعى لإمتلاك أدوات الحياة، دون أن نكون عبادا لها ولا أسرى، ونستخدمها فى كل ما يرضى الله، وليس الابتعاد والانزواء والضعف
    أكرمك الله وبارك فيك ويعطيك الخير بحق كل حرف كتبته فى حياتك، وكانت نيتك أن تصلح وتنبه من حولك لكل ما يرضى الله
    أما عن الحياة والموت، فحياتنا كما قلت ممر للأخرة، وهذه الحياة علمتنى ألا أتعلق بأى انسان مهما كان، فلابد من الفراق، حتى ولو كان فراقا غير الموت
    فعلينا أن نسعد بما نحن فيه وبمن حولنا، ونسعد من حولنا قدر استطاعتنا، قبل ان نفترق، حتى نترك أثرا جميلا فى نفوس من حولنا ليتذكرونا بعد الرحيل
    تسلم يا دكتور محمد، ربنا يبارك فيك وينير عقلك بحكمته وعلمه، وبارك فى علمك وحياتك وجعلك سببا فى خير كل من حولك
    فى امان الله وحنانه ورضاه

    ReplyDelete
  2. and you? what about you? If you r to meet Allah after an hour, would you be happy? Content? Satisfied?
    Or better off... what your contact, your blood, your favorites feel about you?
    Work for both... now and then.. for you and for us.

    ReplyDelete