Saturday 8 October 2011

عزيزى أسامة

أخى العزيز أسامة

أرجو أن يصلك خطابى هذا و أنت فى حال خير من الذى كنت عليه فى آخر مرة تحدثنا على الهاتف.

فى الساعات الماضية، ترددت على فكرى ذكريات أردت أن أشاركها معك.

تذكرت منذ ما يزيد عن العشرين عاما حين كنت تحكى لى عن ما تتعلمه فى الكلية الفنية العسكرية من قواعد الحرب و قوانينها و كيف كنت تحكى لى عن أجهزة الحرب الإلكترونية و أجهزة الليزر التى تستخدم فى التصويب من على الدبابات.

تذكرت كذلك الأيام التى تعرفت فيها على زوجتك و كيف أن الحب جمع بيتكما و جمعكما ميثاق الزواج منذ ستة عشر عاما فى مثل هذه الأيام. ذهبت وحدى لحضور زفافك فى القرية التى تربى فيها أبوينا، كنت وحدى لأن زوجتى كانت تحمل أول أبنائى.

أذكر الأيام التى قضيناها معا فى المزرعة مع أسرتينا نراقب أبناءنا يلعبون بين الأشجار مع البطة و الوزة و الكلب! كم كانت تلك ساعات جميلة.
أذكر كم تبادلنا من أسرار و شكوت لك من حياتى و كم كنت دائما أجد عندك النصيحة الخالصة لوجه الله.

تذكرت كم داومت على صلاتك و قيامك. و أذكر حرصك على أن يدخل أبناؤك مدارس أزهرية لا لشئ إلا ليتعلموا القرآن.

أذكر فى رمضان الماضى حين أفطرنا معا مع بعض الأصدقاء و كم ملأت المكان ضحكا، فلولا وجودك لما كانت تلك الليلة ممتعة!

أذكر آخر مكالمة بيننا حين أخبرتنى بالحادث الذى مر به عمى و أنه فى خير حال و كم طمأنتنى على حاله و حال كل أقاربنا. كما أننى لن أنسى موعدنا لنلتقى مع أسرتينا فى الجمعة المقبلة فى النادى حتى يقضى الأبناء وقتا ممتعا.

و بالتأكيد لن أنسى المكالمة التى وصلتنى بعدها ببضع ساعات من عمى لتخبرنى أنك رحلت!

رحلت بسرعة، بدون مقدمات و بدون ألم، رحلت وسط أحبابك و إخوانك، رحلت برصاصة طائشة خرجت من يد أحد الأقارب و هو يحتفل بخطبة إبنة أختك! رحلت بدون صوت أو كلام! رحلت و تركت صرخة فى قلب كل من أحبوك! رحلت يا أسامة من بيننا و تركتنا نبكى على انفسنا ...

نعم نبكى لرحيلك و لكننا لا نبكى عليك، فلا خوف عليك و لا قلق، و لكننا نبكى لما كنا نريده منك، كنا ما نزال نريد الأخ الحنون، كنا ننتظر الصدر الواسع الذى يسمع و ينصت و ينصح و يساند ... نبكى لأننا ما نزال نحتاج إلى دموعك حين نمر بآلام فتطفئ بدموعك نيران قلوبنا!

على العموم، أردت أن أخبرك أن أهلك بخير ... لا تقلق عليى أبنائك فقد كنت دائما ذاكرا لقول الله "و ليخش الذين لو تركو من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله و ليقولوا قولا سديدا" ... و إنى لأشهد أنك اتقيت الله و قلت قولا سديدا

إنى أفتقدك، و لذلك كتبت إليك هذه الرسالة.

و إنى أنتظر أن ألقاك قريبا لأحكى لك عن ما سيحدث بعد رحيلك

فإلى ذلك الحين
أخوك محمد توفيق

3 comments:

  1. This comment has been removed by the author.

    ReplyDelete
  2. نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يتغمدّه برحمته وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنه ونحسبه كذلك إن شاء الله لان من علامات قبول حب الله لعباده أنّ الله تعالي ينادي في جبريل ان ياجبريل اني احب عبدي فلان فاحبه
    فينادي جبريل في ملائكة السماء ان الله احب فلان فاحبوه...
    فتنادي ملائكة السماء في ملائكة الارض ان الله يحب عبده فلان فاحبوه...
    فتنادي ملائكة الارض في اهل الارض ياعباد الله ان الله يحب عبده فلان فاحبوه
    فوجدنا كل القلوب اجتمعت علي حب المرحوم بإذن الله تعالي ( أسامه) سواء ممن يعرفونه او لا يعرفونه وكل ما سمعناه عنه خير من حسن طباع وخلق وكرم ومحبته للناس والعمل في خدمتهم ومساعدة كل محتاج وأنت رأيت الجمع الغفير ممن تبع جنازته لا لشئ إلا أنّ القلوب قد أجتمعت علي حبه فخرجت لتودعه من دنيا ضيقة إلي جنة عرضها السموات والارض بإذن الله تعالي .
    رحم الله فقيدكم وأسكنه الفردوس الاعلي إن شاء الله

    ReplyDelete
  3. محمد كامل9 October 2011 at 18:58

    البقاء لله يا دكتور, اللهم أجعل مسواه الجنة, هو و سائر أمواتنا
    اللهم أنزل علي أهله الصبر و السلوان

    ReplyDelete