إنما يعرف الرجال بالحق

قيل قديما: لا تعرفوا الحق بالرجال و إنما يعرف الرجال بالحق

يكثر فى وقتنا هذا المتكلمون و الكتاب و المفكرون و أصحاب الرأى، كما يكثر المتفيهقون و مدعى العلم فى الدين و الدنيا. و ما أن تغير قنوات التلفزيون أو تتصفح الإنترنت أو حتى صفحات الجرائد و المجلات، حتى تواجه ما لا حصر له من الكلام و الآراء و الفتاوى و حتى دروس الرسم و الموسيقى

يخرج عليك هذا من تلك القناة فتراه رجلا دمثا ذو كلام مُنَمّق و فصيح يتحدث فى ذلك الموضوع الذى يهمك و يهم عائلتك، فتستمع بإهتمام شديد، ذلك أنه لا يمكن أن يكون ذلك الرجل المهندم و الذى إختارته تلك القناة جاهلا أو سفيها

لعل أبيات عملاق العلم و الأدب، عباس محمود العقاد، تبعث على التأمل حين قال

لا تغرنّك منه إطراقة الرأس فليس لرأسه أفكار

أشبه الخلق بالمفكر إطراقاً لَدُن يأكل الشعير حمار

رأسه مطرق و فيه خشوع و هو للجهل رمزه المستعار

لعل ذلك يبعث على اليأس، فكيف لى أن أسأل عن السيرة الذاتية لكل من يتكلم فى التلفزيون أو يكتب فى الجريدة؟ كيف لأى واحد منا أن يبحث فى "كوم القش" عن ذى قلم أمين أو متحدث عليم؟

إنما يعرف الرجال بالحق. لقد أعطانا الله عقلا و آذاناً لنستمع للأقوال و نتّبع أحسنها. لا تقل: فلان قال كذا و كذا فهو حق. إنما ليكن قولك دائما: فلان قال كذا و كذا و إنه على حق

لتستمع دائما و فى أذنك مصفاة لما تسمع. إعرضه على عقلك و ما يتفق مع المنطق و الفطرة فإن رأيت حقا فتوكل على الله، وإن لم يلاقى عندك قبولاً فابحث عن غيره. إستَفْتِ قلبك و إن أفتاك الناس