"ما حدش عارف حاجة"
هذه هى أكبر حقيقة يدركها من يدرك و يجهلها الجاهل
عندما تتحدث إلى من يدعون إلى "أسلمة" الدولة، تكتشف أنهم لا يدركون ما هو معنى الدولة الإسلامية و لا ما هو معنى العلمانية و لِم هم يرفضون العلمانية و يدعون إلى "تطبيق الشريعة الإسلامية" بل و قد لا يعلم، حتى، ما هى الشريعة الإسلامية
على الجانب الآخر تجد من يعيشون فى وهم أن الدولة الإسلامية تعنى "طالبان" و قطع يد السارق و إجبار النساء أن "يقرن فى بيوتهن" حتى يحملهن العريس أو عزرائيل. و عندما تواجههم بحقيقة هذا الوهم ينظرون إليك بعيون مملوئة بالشك و يسألونك: هو إنت إخوانجى؟
الجهل الجهل الجهل ... يا الله، إرفع عن عيوننا الغمام، و اشرح صدورنا للوئام
لكل من يفكر فى هذه الأمور، دعنى أعرض رأيى، من باب حرية التعبير و ليس من باب العلم بأى شئ، فإنى أقر أمامكم و أمام الله أنى أجهل من دابة
مصر، التى أنعم الله علىّ أن كنت من أبنائها، دولة مسلمة
مصر مسلمة بحكم أغلبية السكان
مصر مسلمة بحكم التاريخ و الحضارة
مصر مسلمة بحكم إرادة الشعب
و لكل من يدعو إلى دولة إسلامية أن ينظر من نافذة بيته ليتأكد أن المسجد لم يزل فى مكانه، و ليفتح الجريدة ليقرأ المقالات الدينية الدعوية و التنويرية، ثم لينظر فى القوانين ليجد أن تعدد الزوجات مسموح به حتى أربعة زوجات، فقط، و أن للزوج حق رفع دعوى الزنا على زوجته كما نصت على ذلك آيات سورة النور، و .... و ... و
بقى تطبيق الحدود الجنائية، حد السرقة (آية واحدة فى سورة المائدة) و حد الزنا للمحصن (آيته منسوخة النص و مثبتة الحكم)، و حد الزنا لغير المحصن (آية واحدة فى سورة النور) وحد شرب الخمر (حكم مثبت بدون آية) و كذلك نفتقد إلى تشريع يمنع تداول الخمور و الترخيص لصالات القمار. ولعلى نسيت حداً أو بضع حدود. الأمر إذا ينحصر فى المطالبة بوضع تشريعات لتنفيذ هذه الأحكام
بالله عليك، هل يستحق ذلك منك كل هذا الصياح و النواح أم أن هذا هو "المزاج" بدلا من تدخين الشيشة و شرب المخدرات؟
أما إخوانى، دعاة الدولة العلمانية، فلعلكم لم تقرأوا ما فيه الكفاية عن الدولة فى التشريع الإسلامى، ولكنكم قرأتم أكثر من الكفاية فى تاريخ الثورة الفرنسية و البلشفية، ناهيك عن التاريخ الأسود لإستبداد الكنيسة الكاثوليكية و محاكم التفتيش. أو لعل الإنجازات المُخزية للمملكة السعودية فى ما يسمى بالدولة الإسلامية و رفع راية الدين سيف على رقاب العباد، أوهَمَكم أن هذا هو الإسلام
الإسلام أيها الأفاضل أكبر و أشمل و أعقل من كل هذه الصور المشوهة للدول الدينية و مدعية التدين، و لعلِّى هنا أطلب من حضراتكم الإطلاع على بعض من كتب الشيخ محمد الغزالى أو الدكتور يوسف القرضاوى التى أنعم الله علىّ منها بكثير من الفائدة
إن مصر، فى الحاضر و الماضى و المستقبل، دولة إسلامية، و إن نظام الحكم فى مصر نظام مصرى يتناسب مع طبيعة المجتمع و الحضارة و الثقافة، و إن أراد المصريون زيادة قانون أو حذف آخر فليكن ذلك من خلال المجالس التشريعية المنصوص عليها فى الدستور و بدون المساس بالمادة الثانية من الدستور لا بالحذف و لا بالإضافة
لهؤلاء و هؤلاء
مصر ليست الأهلى و الزمالك
مصر ليست شارع الهرم و خان الخليلى
مصر ليست جامعة القاهرة و مكتبة الإسكندرية
مصر ليست كاتدرائية العباسية و الجامع الأزهر
مصر ليست مصانع العاشر و مزارع الصالحية
مصر ليست الفاسدين و وزارة الداخلية
مصر هى ...... مصر